أبوظبي (الاتحاد)
خلصت دراسة حديثة أُقرت للنشر في مجلة جامعة الزيتونة الأردنية «المحكمة»، وأعدها الدكتور أشرف فتحي الراعي، الباحث في القانون العام، إلى أن «دولة الإمارات العربية المتحدة أسهمت في تغيير المفاهيم العامة، فيما يتعلق باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي وانتقلت بها إلى مفهوم العدالة الرقمية، من خلال استخدامها في التحري والاستدلال عن الجرائم».
وأضافت الدراسة التي جاءت تحت عنوان «التحري والاستدلال عن الجرائم عبر أنظمة الذكاء الاصطناعي Investigating and inferring crimes through artificial intelligence systems» إلى أن «العديد من المؤسسات الشرطية (الضابطة العدلية) استخدمت أنظمة الذكاء الاصطناعي في عمليات التحقيق وكشف الجرائم، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وبريطانيا على المستوى العالمي، أما على المستوى العربي فقد استخدمتها دولة الإمارات بشكل احترافي».
ووفق الدراسة، تعتبر الأدوات الرقمية وأنظمة الذكاء الاصطناعي وسيلة من الوسائل التي يمكن استخدامها في أنظمة التحري والاستدلال، كما أن غالبية الجرائم التي تقع بوساطة التقنيات المتطورة تكون صعبة الإثبات، لذلك فإنها تحتاج إلى مجموعة من الوسائل التي يمكن الإثبات من خلالها ومن أبرزها أنظمة الذكاء الاصطناعي، حيث استخدمتها العديد من الدول من أجل حل المشكلات الرقمية المعقدة كما هو الحال بالنسبة لدولة الإمارات والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، حيث تمتاز هذه الأنظمة بقدرتها على التوصل إلى نتائج التحقيقات والتحري عن الجريمة والاستدلال من دون أي تدخل من العنصر البشري، ومن ثم الوصول إلى نتائج محددة تسهم في تحديد المجرمين الذين ارتكبوا الفعل بدقة.
وقالت الدراسة: «يشهد العالم تطوراً متسارعاً في خدمات التقنية، واستخدامات أنظمة الذكاء الاصطناعي، التي أصبحت اليوم تستخدم في الجرائم المنظمة العابرة للحدود بعدما احتلت التكنولوجيا جزءاً كبيراً من حياتنا المعاصرة».
ومما جاء فيها: «إن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستخدم في الجرائم لم تستخدم بعد على نطاق واسع في الكشف عن الجرائم والتحري عنها في العديد من الدول، ما يثير إشكالية في كيفية تحري الجريمة التي ترتكب بدقة يمكن أن تصل إلى 99%، فيما تتحرى أجهزة الضابطة العدلية عن هذه الجرائم بوسائل تقليدية».
وتابعت الدراسة: «إن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، يزداد ضرورة، مع استغلال المجرمين والمجرمين الدوليين للشبكات التقنية المتقدمة، والإنترنت والحوسبة السحابية، إلى جانب استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي نفسها في ارتكاب الجرائم، وتنفيذ هجمات سيبرانية على الأنظمة الإلكترونية للمؤسسات الحكومية والشركات والمنظمات العالمية، وبما يقوض الأمن والأمان للمجتمعات العالمية، خصوصاً مع تزايد آثار العولمة على العالم. وأصبح بالإمكان ارتكاب الجريمة في أي دولة في العالم، دون أن يكون المجرم متواجداً في ذات الدولة، لكن المشكلة الأساسية التي تثور في هذا المجال ليس فقط إمكانية ارتكاب الجرائم من خلال أنظمة الذكاء الاصطناعي، بل عدم إمكانية اكتشافها لأن الإمكانات البشرية ما زالت قاصرة عن التحري والاستدلال لهذه الجرائم، ما يتطلب تعديل الأنظمة القانونية بما يتواءم مع المستقبل والتطور الذي يشهده في هذا المجال، لا سيما وأن النصوص القانونية في العديد من الدول العربية ما تزال قاصرة عن التحري والاستدلال عن الجرائم من خلال أنظمة الذكاء الاصطناعي نفسها».
التعليقات