يوجه النظام الإيراني أصولاً كبيرة نحو مؤسساته السياسية والاستخبارية التي تلعب دوراً كبيراً في آلته القمعية الداخلية. تحصل وزارة الاستخبارات والأمن الوطني والحرس الثوري وقوة الشرطة والبسيج والجيش السيبيراني وإذاعة جمهورية إيران الإسلامية على موازنات بارزة. تنفق هذه الكيانات حصة الأسد من تلك الموارد على قمع المعارضة الداخلية بالعنف.
موازنة الحرس الثوري
في سنة 2022 المالية، حصلت المنظمات الست على أكثر من 38 مليار دولار من تمويل الحكومة على أساس احتساب سعر صرف الدولار عند 42 ألف ريال. بلغت موازنة الحرس الثوري لسنة 2022 المالية 22 مليار دولار في زيادة وصلت إلى 58% عن موازنة 2021. وحسب بنودها، إن الحكومة مجبرة على تأمين ما قيمته 4.5 مليار يورو من النفط الخام. ثم يحول الحرس هذا النفط إلى دول مجاورة للحصول على المزيد من الأموال.
الاستخبارات والشرطة
في 2022، زادت موازنة وزارة الاستخبارات والأمن الوطني بـ31% عن السنة السابقة فبلغت 3.5 مليارات دولار. وتضاعف تخصيص الموارد لقوة الشرطة في سنة واحدة لتبلغ 10.294 مليار دولار. علاوة على ذلك، تجبر موازنة 2022 الحكومة على توفير 4.761 مليار دولار إضافي من عائدات صادرات النفط والمنتجات البترولية للقوة نفسها.
البسيج والمنظمات الأخرى
كذلك، ارتفعت موازنة ميليشيا البسيج التي لعبت دوراً قيادياً في القمع الوحشي للمحتجين 3.5 مرات سنة 2022 لتصل إلى مليار دولار. وبإمكان البسيج الوصول إلى 317 مليون دولار من الأصول المخصصة ظاهرياً لـ”إعادة بناء مقابر الشهداء” وخدمات أخرى. وتجبر الموازنة البنك المركزي على تأمين 1.5 مليار دولار من القروض لإنشاء محطات للطاقة الشمسية.
وتحصل منظمة الجيش السيبيراني التي تتعقب وتكشف الناشطين الحقوقيين والسياسيين على أكثر من 405 ملايين دولار في موازنة 2022. وازدادت موازنة إذاعة جمهورية إيران الإسلامية في الموازنة نفسها لتبلغ 1.26 مليار دولار. تستخدم الإذاعة كل هذه الأموال لتمويل نشاطاتها كآلة دعائية للنظام من بينها بث اعترافات إكراهية يقوم بها محتجزون سياسيون وناشطون حقوقيون.
“لباس شخصي”
يرى الكاتب في منح هذه المنظمات خلال الموازنة الحالية ضعفي الأموال التي حصلت عليها السنة الماضية إشارة ترجح أن النظام استبق الاضطراب العام الذي اندلع مؤخراً. ومن شبه المؤكد أن تكون منظمات الحرس الثوري والبسيج وقوة الشرطة والجيش السيبيراني قد حصلت على أموال إضافية لقمع الاحتجاجات. وثمة وحدات غير نظامية باللباس المدني تعرف باسم “لباس شخصي” وتعمل بإشراف منظمة الاستخبارات في الحرس الثوري. تساوي “لباس شخصي” القمصان البنية تحت الحكم النازي وتحصل على تمويل حكومي من تحت الطاولة.
يدير إمبراطورية مالية
أضاف رضائي أن الحرس الثوري يسيطر على إمبراطورية أعمال تساوي ثلث اقتصاد البلاد. ويحاول الحرس إخفاءها حيث تتجنب هيكل الملكية الهرمي لصالح شبكة معقدة من مئات الشركات الخاصة اسمياً والتي يديرها قدامى المسؤولين في الحرس أو شركات تابعة له تملك أسهماً في شركات أخرى. بالتالي، يصعب تقدير عدد الشركات شبه الحكومية، لكن نفوذها الاقتصادي المشترك لا يمكن إنكاره. كمثل واحد وحسب، إن الذراع الهندسية للحرس الثوري الإيراني، مقر شركة خاتم الأنبياء للإنشاءات، هي أكبر شركة إنشاءات في إيران.
وأشار رضائي إلى أن رفع العقوبات عن النظام الإيراني سيمكن شركات الحرس الثوري من دخول عالم الأعمال مع الشركات الغربية. وفقاً لقانون ترويج وحماية الاستثمار الأجنبي في إيران تحتاج الشركات الأجنبية لشريك إيراني. وبالنسبة إلى المشاريع الضخمة فهذا يعني أنها شركة يديرها الحرس الثوري.
استيراد تجهيزات لممارسة القمع
تنفق إيران موارد كبيرة على استيراد أدوات القمع مثل معدات مكافحة الشغب والأسلحة وتكنولوجيا مراقبة الاتصالات. على سبيل المثال، اشترت إيران مركبة ديس-516بي ذات الخرطوم المائي والتي يبلغ ثمنها 650 ألف دولار من المصنع الصيني داليان إيغل-سكاي. واشترت أيضاً تكنولوجيا للرقابة والقمع من تياندي وهواوي الصينيتين. وساعدت الشركات الصينية في تركيب أكثر من ألفي كاميرا للمراقبة في طهران ومناطق أخرى من البلاد، كجزء من اتفاق ثنائي بين الصين وإيران تدعو إلى تركيب أكثر من 15 مليون كاميرا كهذه على الأراضي الإيرانية.
عجز في الموازنة… لا تساعدوه
وقبل فرض العقوبات، أنفقت قوة الشرطة مليارات الدولارات لشراء بنادق قنص من طراز ستير أتش أس.50 من شركة ستير مانليشر النمسوية ودراجات نارية من شركتي كاي.تي.أم. أي.جي النمسوية وهوندا اليابانية ومعدات مراقبة الاتصالات من شركة نوكيا الفنلندية. استخدمت إيران كل هذه المعدات ضد المدنيين وإذا تم رفع العقوبات فسيكون بإمكان النظام استئناف استيراد المزيد منها. بسبب العقوبات وزيادة تمويل أجهزة القمع، يواجه النظام عجزاً في الموازنة يصعّب عليه دفع فاتورة قمع الشعب الإيراني. وأكد الكاتب ختاماً أن تخفيف العقوبات سيجعل تلك المهمة أسهل بكثير وبالتالي سيكون أسلوباً خاطئاً لدعم المحتجين في مواجهة النظام.
التعليقات