التخطي إلى المحتوى

لا شك فى أن خدمات الاتصالات باتت اليوم تمتد إلى كل نشاط تجارى واقتصادي، بل وتوجد فى كل بيت. ولا شك فى أن شركات الاتصالات كثيرا ما تشكو من ظاهرة انتشار حيازة واستخدام وتشغيل وتركيب وتسويق معدات الاتصالات، دون الحصول على الترخيص اللازم من الجهات المختصة. وقد سمعنا كلنا بالتأكيد عن سرقة البعض من المنشآت والمقاهي، بل والمنازل، لخدمة الاتصالات دون أن تدفع ما عليها للشركات التى تقدم الخدمة، وليست هناك دولة فى العالم تسمح بارتكاب مثل هذه الجريمة، وإن وقعت فإن العقاب القانونى يكون رادعا.

وقد جاءت التعديلات الأخيرة على بعض أحكام قانون تنظيم الاتصالات، والتى أقرها مبدئياً مجلس النواب قبل أيام، لتغلق هذه الثغرة، وتصحح هذه السلبية فتمنعها.

هذه التعديلات هدفها تنظيم مرفق الاتصالات، وتطوير الخدمة الاتصالية بما يناسب أحدث ما توصل إليه العالم من تطور تكنولوجي. ويتضمن التعديل الجديد النص على حظر حيازة أى معدة من معدات الاتصالات، أو استخدامها، أو تشغيلها، أو تركيبها، أو تسويقها، إلا بعد الحصول على الترخيص القانونى بذلك من الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، وكلف التعديل القانونى هذا الجهاز القومى بتحديد معايير ومواصفات وأنواع الأجهزة التى يصدر قرار باعتمادها.

وعلاوة على هذا، تضمن التعديل النص على معاقبة كل من قام بالمخالفة، سواء بحيازة أو تركيب أو تشغيل أو استخدام أى معدة دون تصريح، وأيضاً تشديد العقوبة إذا كانت هذه المخالفات تمس، أو تصيب بالضرر الأمن القومي، وسوف تكون عقوبة من تثبت عليه تلك المخالفات الحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة من مليونى جنيه إلى خمسة ملايين، أو بواحدة من العقوبتين حسب درجة المخالفة، ثم ترتفع العقوبة لتصل إلى الحبس المشدد إذا كانت المخالفات غرضها المساس بأمن مصر القومي.

والحقيقة أن هذه العقوبات ليس المقصود منها العقاب فى حد ذاته، أو الردع فقط، وإنما الهدف الأساسى هو تحقيق الانضباط فى هذه السوق العملاقة للاتصالات، والتى يعمل بها الآلاف من العاملين وتحتوى على مئات مليارات الجنيهات، كاستثمارات محلية وأجنبية، ونحن كم قرأنا وسمعنا عن استغاثات من شركات عملاقة، مصرية وعالمية، بأن مئات الملايين تضع عليها سنويا بسبب هذه السرقات للخدمة الاتصالية، ونعرف كلنا أن حماية الملكية الفكرية تشتمل على حماية الاتصالات أيضا، حيث يتم فى العالم المتقدم تجريم كل من يسرق المجهود الذهنى والإنتاج الفنى والأدبى لشخص آخر، وبالتالى فإن ضبط سوق الاتصالات سيحقق جانباً من هذه الحماية الفكرية.

وبطبيعة الحال فإن تحديث أى مجتمع وتطويره يقتضى ضبط كل الأنشطة الاقتصادية فيه، بما فيها الاتصالات، لأن المستثمر فى هذه الأنشطة لن يقدم على الدخول فيها إلا إذا رأى إطارا تشريعا وقانونيا محترما يردع أى مخالف، ومن ثم يضمن للمستثمر حقوقه.

والحقيقة أن مصر، كدولة يجرى تحديثها على قدم وساق، تسعى إلى هذا الانضباط القانونى سعيا حثيثا.

لمزيد من مقالات رأى الأهرام

رابط دائم: 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.